وسط الطريق الذي دمَّره الفيضان، تتوكأ ناماليتا كوتالا، السيدة التي شارفت على الثمانين عامًا، على عصاها في محاولة حثيثة للبحث عن مأوى بعدما دُمِّر منزلها. قبل الفيضان الذي دمَّر قرية جون بمنطقة شيكواوا، كانت ناماليتا كولاتا، 79 عامًا، تعيش وسط أبنائها الثلاثة وأحفادها، وتكسب قوتها من زراعة الأرز والذرة. لكنها كانت مريضة بشدة وتعاني من الصرع والجذام الذي تسبَّب في بتر بعض أصابع يديها وقدميها، وإعاقة في ساقها من آثار الشيخوخة.
كانت ناماليتا نائمة في سريرها كالمعتاد لا تبالي ولا تخشى شيئًا في الوقت الذي دمَّر فيه الفيضان منزلها وتهدَّمت جدرانه، لكن أحد أبنائها أنقذها بمعجزة.
تقول ناماليتا بحزن بالغ على منزلها الذي فقدته بعدما عاشت فيه سنوات طويلة: “كنت وحدي في المنزل، إذ عاد أحفادي إلى والدهم. قالوا لي إن منزلي انهار عندما كانت الساعة تُشير إلى 12 منتصف الليل.. لم أشعر بشيء لأنني كنت نائمة بعُمق بسبب مرضي”.
ذهبت السيدة المُسنة إلى منزل ابنها لتعيش معه، لكن لسوء حظها لم يكن لها مكان تستطيع أن تنام فيه، غير أنها حسمت قرارها سريعًا وتحمَّلت مشقة الذهاب إلى مخيم “ثابوا” وحيدة. لم تُحضر ناماليتا أي شيء معها إلى المخيم الذي استغرقت ساعتين للوصول إليه سيرًا على أقدامها الهزيلة متوكئة على عصاها، لأن كل ممتلكاتها دمَّرها الفيضان.
لا تشعر ناماليتا بالأمان في الليل، إذ تنام في فصل دراسي مع 40 امرأة أخرى، وعندما تريد الذهاب لقضاء حاجتها تطلب من صديقة لها مرافقتها إلى دورة المياه، بينما ترى الضباع وهي تتجوَّل حول المخيم. كما أن الطعام لم يكن متوفرًا بشكلٍ كبير، إذ تُضيف ناماليتا: “كنت لا أستطيع الأكل سوى مرة واحدة في اليوم، وكان الناس يساعدوننا أحيانًا بالذرة والمال”.
وسط الجوع والصِّعاب، تدخَّلت الإغاثة الإسلامية لإنقاذ ناماليتا وجيرانها في مخيم “ثابوا”، إذ وفَّرت المواد الإغاثية والطعام والذرة والدقيق والأرز وزيت الطهي والصويا، بالإضافة إلى أدوات ومستلزمات النظافة.
بصوت يملؤه الامتنان ممتزجًا بالسعادة، قالت ناماليتا كولاتا التي شعرت أخيرًا أن هناك مَن يحاول مساعدتها ويُخفِّف عنها أعباء الحياة: “أنا ممتنة حقًّا للإغاثة الإسلامية، إنني أحثهم على الاستمرار في مساعدتنا ومساعدة الضحايا الآخرين”.
أمل في المستقبل
مع استمرار التدخلات الإنسانية والدعم الدولي، يمكن لمالاوي تخفيف المعاناة الإنسانية وتحقيق الاستقرار لملايين السكان الذين يعيشون في ظروف صعبة. إن القصص الملهمة مثل قصة ناماليتا تُظهر أهمية الجهود المبذولة لمساعدة الفئات الأكثر ضعفًا وإحداث تغيير إيجابي في حياتهم.