الكفارة مأخوذة من كلمة “كَفَرَ” بمعنى غطى وستر، وذلك لأن هذه الفريضة الربانية أداة لستر الذنوب ومحوها. والكفارة هي التعويض الشرعي ووسيلة التوبة التي فرضها الله على المسلمين الذين لم يقوموا بفريضة ما دون عذر شرعي. والكفارة ليست عن الإفطار في رمضان فقط، بل لها أنواع كثيرة، مثل كفارة القتل الخطأ، وكفارة اليمين، وكفارة العهد، كفارة القسم وكفارة الجماع في نهار رمضان .
قال تعالى: “فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ” – سورة المجادلة
شرع الله عز وجل كفارة الإفطار في شهر رمضان، فمَن أفطر يومًا من شهر رمضان دون عذر وأقبل عليه رمضان آخر دون أن يقضيه، فكفارته عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا وجبتين عن كل يومٍ لم يصمه، وقد قدَّر العلماء قيمة إطعام المسكين وجبتين بما يكافئ 6 دولارات تقريبًا، أي إن إطعام 60 مسكينًا تصل قيمته إلى 360 دولارًا لليوم الواحد.
الصيام في رمضان واجب على كل مسلم قادر، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، لذلك يجب على المسلمين دفع تعويض عند التفريط في هذا الركن، وهذا يؤكد أهمية صيام شهر رمضان المبارك في الإسلام.
على كل مسلم عاقل قادر لم يصم في شهر رمضان ولم يكن لديه عذر شرعي، وفي حال كان المسلم المكلف بالصيام يعيش تحت إعالة والده أو ولي أمره، فعلى والده وولي أمره أن يدفع عنه هذه الكفارة.
الكفارة هي نموذج اجتماعي عملي وضعه الإسلام لكي يساعد المسلم أخاه المسلم، ولكي تكون توبة المسلم في ذاتها عونًا للفقراء والمحتاجين، فينال بها هو أجرًا، وينال بها المستضعفون والفقراء الغذاء والعيشَ الكريم.
الفدية هي أن تفتدي صيامك الذي أفطرته بعذرٍ بإطعام مساكين، كما في حالة المرض مثلًا لأنك لن تقدر على أداء الفريضة، وتعوضها بذلك، وكذلك الحكم نفسه للحامل والمرضع لتعذر الصيام عليهما بسبب عَرَض مؤقت وهو الحمل أو الرضاعة، فإن خافت المرأة على طفلها فإنها تقوم بإطعام المساكين، وتكون مثل الفدية التي تلزم المريض الذي لا يُرجى برؤه، والشيخ الكبير العاجز عن الصيام، ويكون مقدار الفدية بإطعام مسكين واحد عن كل يوم، أي 6$ عن يوم واحد، و12$ عن يومين، وهكذا.
بينما الكفارة هي التي تكفّر بها عن ذنب، كأن يفطر المسلم في نهار رمضان عمدًا وبدون عذر شرعي جائز، فإن حكمه صيام 60 يومًا متتابعين، أو إطعام 60 مسكينًا بما يعادل 360$ عن اليوم الواحد.
إن الكفارة ضرورية أيضًا لمَن أخلَّ بالقسم الذي أقسمه. لذلك، لفداء اليمين، يجب عليك أن تستغفر الله، وتدفع ما يعادل إطعام 10 أشخاص بمعدل 6 دولارات للشخص الواحد. وبالتالي، فإن هذا يعادل 60 دولارًا عن كل وعد أخلفته.
إذا أفطرت عمدًا دون عذرٍ خلال شهر رمضان أو بسبب إخلالك بوعد/قسم، فيجب عليك دفع الكفارة، لكن ما يُدفع لإفطار يومٍ بلا عذر 360$، وما يُدفع لكفارة اليمين الواحد 60$.
لا يوجد موعد لأداء الكفارة، ويمكن دفعها بكل أنواعها في أي وقت من السنة. في حال إفطارك يومًا عمدًا، بات عليك التكفير عن هذا الذنب بدفع الكفارة.
توفر فرق الإغاثة الميدانية في أكثر من 40 دولة حول العالم طرودًا غذائية معدّة بعناية فيها القيم الغذائية التي تضمن غذاءً صحيًّا لأفراد الأسر الأكثر احتياجًا، وتتناسب أيضًا مع طبيعة الأغذية المعتادة في هذه المجتمعات، وقيمة كفارتك تصل بنسبة 85% طرودًا غذائية للمحتاجين، و15% مصاريف وصول هذه الطرود وانتقاءها وتجميعها وضمان جودتها وتغليفها وإدارة هذه العملية بكفاءة حسب أعلى معايير الجودة.
إن إخراج الكفارة في شهر رمضان له أهمية كبيرة في تعزيز التكافل الاجتماعي وتخفيف معاناة الفقراء والمحتاجين. فالكفارة لا تقتصر فقط على الجانب الديني، بل تحمل في طياتها رسالة إنسانية نبيلة، حيث تساهم في تلبية احتياجات الفقراء الذين قد لا يتمكنون من توفير أساسيات حياتهم. من خلال إخراج الكفارة، يساهم المسلم في نشر الرحمة والبر في مجتمعه، ويعزز روح التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع. علاوة على ذلك، تعد الكفارة من مظاهر التوكل على الله، حيث يتوكل المسلم على الله في تحقيق بركات هذا العمل، ويعلم أن الله يبارك في المال الذي يُعطى في سبيله، ويزيده بركة رغم الظروف الصعبة.
لقد رأت فرقنا الميدانية كيف لكفارتك -رغم بساطتها- أن تحقق أحلام المساكين حول العالم في غذاءٍ صحيٍّ يضمن سعادة الأطفال، ويعين رب الأسرة على توفير العيش الكريم لأسرته، ويحمي أفراد الأسرة من المرض والجوع. تستقبل الإغاثة الإسلامية عبر العالم هذه الكفارات لتكفي احتياج مئات الآلاف من الأسر من الغذاء، في السودان حيث يحد النزاع من سبل الوصول إلى الغذاء الصحي، وفي اليمن حيث ينهش الفقر وسوء التغذية الحاد أجساد الأطفال والنساء والرجال، وفي ميانمار وكينيا وجنوب السودان، وفي أكثر من 40 دولة حول العالم.