رغم أن الاقتصاد الإثيوبي يُعَدُّ الأسرع نموًّا في القرن الأفريقي، فإن تصاعد العنف وتكرار موجات الجفاف جعلا ملايين المواطنين في حاجة ماسّة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وتمتلك إثيوبيا ثروة بشرية هائلة، إذ تُعَدُّ ثاني أكبر الدول الأفريقية من حيث عدد السكان الذي يبلغ نحو 133 مليون نسمة.

يشهد الوضع الإنساني في إثيوبيا أزمة معقدة ومتفاقمة بسبب النزاعات المستمرة والجفاف والمشكلات الاقتصادية. وهناك العديد من التحديات الإنسانية التي تواجه المواطنين في إثيوبيا نتيجة تفاقم الأزمات السياسية وتكرار موجات الجفاف، التي تؤدي غالبًا إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي والأمراض المرتبطة بسوء التغذية الحاد.

التحديات والأوضاع الإنسانية في إثيوبيا

يعاني 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، ما يعكس التحديات الكبيرة في تأمين الغذاء الأساسي لعدد كبير من السكان. إضافة إلى ذلك، يواجه 10% من الأطفال دون سن الخامسة سوءَ تغذيةٍ حادًّا، مما يهدد صحتهم ونموهم.

يعيش نحو 25% من سكان إثيوبيا تحت خط الفقر الدولي، مما يعكس الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الكثير من الأسر. تبرز هذه الإحصائيات الحاجة الماسة إلى التدخلات الإنسانية العاجلة لتوفير الغذاء، والرعاية الصحية، والمساعدات الأساسية للمتضررين.

وبحسب منظمة الهجرة الدولية، بسبب الأزمة السياسية وتصاعد العنف في شمال إثيوبيا بلغ عدد النازحين داخليًّا في البلاد نحو 4.5 ملايين شخص حتى اليوم، مما يضاعف من معاناة العديد من الأسر التي فقدت منازلها وأمنها.

دور الإغاثة الإسلامية في إثيوبيا 

لذلك تعمل الإغاثة الإسلامية في إثيوبيا منذ عام 2004 على مكافحة الجوع، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين سُبل العيش على المدى الطويل بالتوازي مع توفير الإغاثة الإنسانية الطارئة،  من خلال مشاريعها الإنسانية والتنموية طيلة تلك السنين في 4 مناطق رئيسية: أديس أبابا، والعفر، وأوروميا، والأوجادين.

الأمن الغذائي 

قدَّمت الإغاثة الإسلامية في إثيوبيا منذ إنشائها الغذاء الصحي إلى مئات الآلاف من المتضررين من الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات أو من الأزمات السياسية.

ويشمل قطاع الأمن الغذائي في إثيوبيا دعم الأنشطة المُدرّة للدخل مثل تربية الماشية والزراعة، وإدارة الموارد الطبيعية، ومن ثم خلق فرص عمل للسكان المتضررين وتعزيز قدرتهم على مواجهة الكوارث الطبيعية.  كما دعمت عشرات الآلاف من الأُسَر من أجل تحسين إنتاجية الثروة الحيوانية عبر توفير العلاج والتغذية المناسبة للماشية وإنشاء الصيدليات البيطرية الخاصة.

 

المياه النظيفة والصرف الصحي 

ركَّزت الإغاثة الإسلامية جهودها على توفير المياه النظيفة والصرف الصحي للسكان المتضررين في حالات الطوارئ وكذلك في المناطق النائية.

 

الرعاية الصحية

قدَّمت الإغاثة الإسلامية يد العون لمئات الآلاف من الأشخاص من أجل الحد من الأمراض والوفيات المرتبطة بسوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات.

عملت الإغاثة الإسلامية على تعزيز جودة الرعاية الصحية في إثيوبيا، خاصة في المناطق الرعوية، من خلال تدريب الممارسين الصحيين، وإعادة تأهيل المرافق الصحية وتجهيزها، وتوفير المواد الطبية، وتجهيز وحدات رعاية الأم والطفل.

 

التعليم

مع تصاعد أعداد الأطفال النازحين داخليًّا وهم في سن الدراسة، كثَّفت الإغاثة الإسلامية جهودها لإعادة تأهيل مدارس المتضررين، وتوفير المواد التعليمية، وتدريب المعلمين.

كما مَكَّنت الإغاثة الإسلامية آلاف الأطفال من الحصول على تعليم جيد عبر بناء المدارس وتأثيثها، وتحسين المرافق المدرسية، وتوفير المواد التعليمية، وتدريب المعلمين ومُيسِّري التعليم البديل، وتعزيز أنظمة الإدارة المدرسية، بالإضافة إلى دعم تعليم الفتيات.

 

رعاية الأيتام

عبر أقدم برامجها، وفَّرت الإغاثة الإسلامية الغذاء والتعليم والرعاية الصحية لعشرات الآلاف من الأطفال الإثيوبيين، حيث قدَّمت الدعم المالي للأطفال الأيتام المكفولين وأُسَرهم للحصول على الطعام والتغذية والرعاية الصحية والمستلزمات التعليمية.

بالإضافة إلى ذلك، قدَّمت الإغاثة الإسلامية التمويل اللازم للأمهات الأرامل من أجل البدء في مشروعاتهن التجارية ليتمكَّنَّ من رعاية أطفالهن من خلال توفير الغذاء والملبس والتعليم باستدامة.

 

 البرامج الموسمية

بالتوازي مع البرامج طويلة المدى، تحرص الإغاثة الإسلامية على توزيع الطرود الغذائية خلال شهر رمضان الكريم، كذلك تُقدِّم أجود لحوم الأضاحي خلال عيد الأضحى المبارك للأُسَر المستحقة في مناطق عملها. بينما يقطع الأطفال والنساء في إثيوبيا مسافات طويلة لجلب المياه، وفَّرت الإغاثة الإسلامية المياه النظيفة والصرف الصحي لملايين الأفراد من خلال مشروعات تنقية المياه وتحسين مرافق الصرف الصحي.

قصة ملهمة من إثيوبيا

في قرية نائية بالإقليم الصومالي، عاشت فطومة عبدي، التي تبلغ من العمر 34 عامًا، مع أطفالها التسعة في معاناةٍ لا تُحكى. فقد اجتاح الجفاف القاسي قريتها، وعاشت فطومة شهورًا طويلة تبحث يائسة عن أبسط مقومات الحياة: الماء. مع حملها في طفلها العاشر، كانت تقطع مسافات طويلة تتراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات يوميًّا لتبحث عن الماء في الأنهار والجداول التي أصبحت جافة. تقول فطومة بصوتٍ مليء بالأسى: “كان الحصول على الماء بمنزلة حلم بعيد المنال، كنا نسافر على معدة فارغة وأفواه جافة، فقط لأحصل على بعض الماء لأطفالي”.

قبل هذا الجفاف، كانت فطومة تعيش على رعي الماشية، لكن مع نفوق جميع ماشيتها، فقدت مصدر رزقها الوحيد وأصبح البقاء على قيد الحياة هو التحدي الأكبر. لم تعد قادرة على إطعام أطفالها، وكان كل يوم يمر يعيدها إلى نقطة الصفر.

وفي يوم من الأيام، سمعت فطومة عن المساعدات الإنسانية التي تقدمها الإغاثة الإسلامية في قرية حِصالة في مدينة بار. كان الأمل يراود قلبها، فقررت أن تخوض رحلة طويلة من أجل أطفالها، ولم تدرِ حينها أن تلك الرحلة ستغير حياتهم إلى الأبد.

وصلت فطومة إلى حِصالة، وأصبح العالم بالنسبة لها مختلفًا. بعد أن كانت تعيش في خيمة صغيرة تعج بالجوع والعطش، أصبحت اليوم تشعر بالأمل والحياة. فبفضل الإغاثة الإسلامية، تمكنت من الحصول على الغذاء والماء الذي احتاجت إليه هي وأطفالها، إضافة إلى الدعم النقدي الذي يمنحها القدرة على شراء الطعام الضروري.

تقول فطومة بتعبير مليء بالامتنان: “في السابق، لم أكن أستطيع إطعام أولادي، لكن بعد أن بدأت الإغاثة الإسلامية في منحنا مبلغًا شهريًّا، أصبح من السهل أن أشتري الدقيق والزيت والسكر لهم. أصبح الطعام متاحًا لأطفالي، وهذا أمر عظيم بالنسبة لي”.

وما زالت فطومة ترى أمام عينيها التغيير الذي أحدثته المساعدات الإنسانية في حياتهم. فابنها محمد، الذي كان يعاني من سوء التغذية الحاد، بدأ يستعيد صحته بفضل الدعم الذي وفرته الإغاثة الإسلامية. تقول فطومة بصوت يملؤه الشكر: “أنا ممتنة لكل مَن أنقذ حياتنا. لم أكن أتصور أنني سأجد يد العون في هذا الزمن الصعب”.

تظل قصة فطومة عبدي بمنزلة شهادة حية على قوة الأمل ودور المساعدات الإنسانية في إنقاذ الأرواح وتغيير المصير.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2025 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158