تعريف الصدقة في الإسلام هي إخراج المال أو أي نفع للمحتاجين ابتغاء وجه الله تعالى دون انتظار مقابل. وهي ليست مقتصرة على المال فقط، بل تشمل كل فعل أو قول يجلب الخير أو يدفع الضرر عن الآخرين. قال الله تعالى: “وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (البقرة: 273).
فوائد الصدقة عديدة، وهي من أعظم الأعمال التي يحبها الله ورسوله، ولها فضل كبير في الدنيا والآخرة. فهي تطهر المال، وتزيد البركة، وترفع الدرجات. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مالٌ من صدقة” (رواه مسلم). كما أنها تُدخل السرور على الفقراء والمحتاجين، وهي سبب في نشر التراحم بين الناس، كما أنها تقي المجتمع من التباغض والتحاسد وتحقق فيه التكافل الاجتماعي.
الصدقة في رمضان لها فضل عظيم وأجر مضاعف، فهي من أعظم القربات التي تُقرب العبد إلى الله تعالى، خاصة في هذا الشهر المبارك الذي تضاعف فيه الحسنات. وصدقة رمضان من أفضل الأعمال التي يحرص عليها المسلم، فهي تطهر النفس وتزكي المال، وتكون سببًا في رفع البلاء وجلب البركة. كما أن المتصدق يجسد معنى التوكل على الله، فهو يوقن أن ما ينفقه لله يُخلفه أضعافًا مضاعفة، امتثالاً لقول الله تعالى: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ” (سبأ: 39).
وتبرع بصدقة جارية يعد من أروع صور الإحسان المستمر، حيث يبقى الأجر جاريًا حتى بعد وفاة المتصدق. ويمكن عمل صدقة جارية باسم شخص كهدية معنوية عظيمة، سواء كان حيًا أو متوفيًا، مما يسهم في استمرار الثواب له. كما أن الصدقة للميت من أعظم ما يمكن تقديمه لمن فارقوا الحياة، فهي تخفف عنهم وتزيد من حسناتهم، مما يجعلها بابًا من أبواب البر والإحسان المستدام.
فالصدقة ليست فقط عطاءً ماديًا، بل هي دليل على ثقة العبد في وعد الله ورحمته، ومظهر من مظاهر الإحسان الذي يعزز الإيمان ويزيد الطمأنينة في القلب.
التصدق يُعتبر درعًا يدفع البلاء والمصائب عن المسلم. ودليل أن الصدقة تدفع البلاء ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: “داووا مرضاكم بالصدقة” (رواه البيهقي).
كما أن الصدقة تُطفئ غضب الله من معصية وغفلة العبد، كما أنها سبب في النجاة من الكرب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء” (رواه الترمذي). وهي نوع من أنواع الإحسان إلى النفس والغير،والتي توجب محبة الله، يقول الله عز وجل: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (البقرة: 195).
لا تجعل يومًا يمر دون صدقة، مهما كانت بسيطة، فإن الله يُضاعفها أضعافًا كثيرة، كما قال سبحانه: “مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ” (البقرة: 261).
وقال جل وعلا “قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشرًا المنفقين ومحذرًا الممسكين: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا” (رواه البخاري ومسلم).
كما قال صلى الله عليه وسلم: “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب – ولا يقبل الله إلا الطيب – فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلوه، حتى تكون مثل الجبل” (رواه البخاري ومسلم).
مفهوم الصدقة في الإسلام مفهوم واسع، وأنواع الصدقات متعددة، منها:
وهي عادة مباركة يقوم بها المسلم يوميًا، مهما كانت بسيطة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “على كل مسلم صدقة. فقالوا: يا نبي الله، فمن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق” (رواه البخاري). والصدقة اليومية يمكن أن تكون بإطعام فقير، التصدق بمال، أو حتى بكلمة طيبة.
الصدقة للمريض هي صدقة بنية الشفاء يخرجها المسلم بأي صورة وتكون سببًا في تخفيف البلاء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “داووا مرضاكم بالصدقة” (رواه البيهقي).
الصدقة عن الميت هي هدية تصل إليه ويعود ثوابها إليه بعد وفاته. وإهداء صدقة جارية للميت أمر قد يكون في أمس الحاجة إليه، ودليل جواز إخراج صدقة جارية للميت ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم.” (رواه البخاري ومسلم).
وفي رواية أخرى: “قال: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء.” (رواه النسائي).
وهي الأعمال المستمرة التي يجري ثوابها حتى بعد موت صاحبها، فحفر بئر هو صدقة جارية قد يمتد أثرها ونفعها لأجيال كما يظل أجرها يصب في ميزان حسنات صاحبها حتى بعد الوفاة.
من أعظم الصدقات في الإسلام، وقد ورد في الحديث: “أفضل الصدقة سقي الماء” (رواه أحمد). يمكن أن تكون بحفر بئر، توفير مياه نظيفة، أو حتى تقديم زجاجة ماء لعطشان. وكلما استمر النفع منها كلما استمر أجرها وتكون حينها أفضل الصدقات الجارية.
والصدقة لها صور فإما أن تكون صدقة عينية مادية، كإطعام الجائع أو كسوة الفقير، أو بناء المساجد والمدارس، أو توصيل مياه. وإما أن تكون صدقة معنوية غير مادية كالكلمة الطيبة ونشر العلم وإماطة الأذى عن الطريق، والتبسم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ” (رواه الترمذي).
مما لا شك فيه أن صدقة الماء هي أفضل الصدقات. كما أن أفضلها ما ينفقه المرء خالصُا لله وهو في حاجة إلى المال. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى” (رواه البخاري).
وقد قدم لنا صحابة رسول الله نماذج عظيمة في إخراج الصدقات بثقة ويقين فيما عند الله، فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يشتري بئرًا ثم يهبه وقفًا لله لينتفع به المسلمون.وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسابق في الخير ويتصدق بنصف ماله ليجد أبا بكر قد تصدق بكل ما يملك. وهذا أبود الدحداح يتصدق ببستان كامل.
الصدقة تتجاوز كونها مجرد عطاءًا ماديًا، بل هي صورة من صور الرحمة والمحبة التي يريدها الله بين عباده، كما هي سبيل لتطهير النفس والمال، وطريق للجنة. فاغتنم الفرصة واحتسب كل تبرع صدقة.