رمضان شهر يلمس القلوب، ويُحيي النفوس، تتضاعف فيه الحسنات، ويقبل الله فيه التوبة عن عباده، ويغفر الذنوب والسيئات، وتُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار. ولكن إذا كان رمضان كله نورًا وبركة، فإن العشر الأواخر من رمضان هي فرصة لا تعوض للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

هذه الأيام المباركة ليست كأي أيام، فقد خصَّها الله تعالى بفضل عظيم، فيها تُستجاب الدعوات، ويرفع الله فيها الدرجات، ويغفر الذنوب. والأجمل من ذلك أنها تحمل في طياتها ليلة القدر، تلك الليلة التي قال الله عنها في كتابه العزيز: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ”، حيث نزلت سورة كاملة باسمها في القرآن الكريم وهي “سورة القدر“، ليلة تغير مصير الإنسان وتبدل حاله من حال إلى حال آخر. 

ولكن كيف نستعد لاغتنام هذه الأيام العظيمة؟ وكيف نعيشها بقلوب عامرة؟

الاستعداد يبدأ بمعرفة فضل هذه الأيام، وفهم أهميتها في حياتنا. كما يتطلب منا أن نتعرف على أفضل الأدعية والأعمال التي تقربنا إلى الله، وأن نستعد لاستقبال ليلة القدر بقلوب خاشعة.

 

أفضل أعمال العشر الأواخر من رمضان

إذا نظرنا في حياة النبي ﷺ فسوف نشعر ونقدّر فضل تلك الأيام، فلقد كان ﷺ يعطي هذه الأيام أهمية قصوى، ويستعد لها خير استعداد كأنه يستعد لسفر كبير.

فعن عائشة رضى الله عنها قالت: “كان رسول الله ﷺ إذا دخل العشر (تقصد بها العشر الأواخر من رمضان) أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد مئزره” (رواه البخاري ومسلم)، وذلك لما في هذه الأيام من ثواب عظيم، ومن أفضل أعمال العشر الأواخر من رمضان

 

1- قيام الليل: قالت عائشة رضي الله عنها: “أحيا الليل”، أي قيام الليل، وله فضل عظيم، فهو خلوة بين العبد وربه ومناجاة في أطراف الليل، وكان الرسول ﷺ يحرص على قيام الليل ويحث أصحابه عليه. 

2- قراءة القرآن: تلاوة القرآن وتدبر معانيه من أفضل الأعمال المستحبة خلال هذه الأيام. 

3- الصدقة: الصدقة في العشر الأواخر من رمضان لها فضل عظيم وثواب مضاعف، وخصوصًا إذا كانت في سبيل الله، يقول الله سبحانه وتعالى: “مَن ذا الذي يقرض الله قرضا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرة” (البقرة: 245)

4- الدعاء والاستغفار: الصائم له دعوة لا تُرد عند فطره كما قال رسول الله ﷺ: “ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم” (صحيح الترمذي)، لذلك الدعاء والاستغفار من أفضل الأعمال في شهر رمضان، خصوصًا في العشر الأواخر لأنه فيها ليلة القدر. 

5- الاعتكاف: سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، وهو فرصة ذهبية للتفرغ والعبادة.

 

فضل الصدقة في العشر الأواخر من رمضان

الصدقة في رمضان لها فضل عظيم، وفي العشر الأواخر منه تكون أعظم وأكثر أجرًا. وقد كان النبي أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة” (رواه البخاري ومسلم).

ومن أفضل أنواع الصدقات في رمضان إفطار الصائمين والتخفيف عنهم في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية، وتطلق الإغاثة الإسلامية حملة “رمضان تَوَكُّل” لشهر رمضان هذا العام، التي تهدف إلى دعم الفقراء والمحتاجين طوال الشهر الفضيل في 33 دولة مختلفة حول العالم، من بينها غزة، واليمن، والسودان، وسوريا، ولبنان، من خلال توفير المواد الغذائية التي تدعم الأسر الفقيرة الصائمة بوجبتَيْ السحور والإفطار، ما سيُسهم في تمكينهم من الصيام دون قلق، وتخفيف معاناة تأمين وجباتهم طوال الشهر.

 

أدعية العشر الأواخر من رمضان

لم يرد عن النبي دعاء خاص بالعشر الأواخر من رمضان، ولكن يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية، وخاصة الأدعية التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية. ومن أفضل الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في العشر الأواخر من رمضان:

  • “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” (رواه الترمذي وابن ماجه).
  • “ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار” (رواه البخاري ومسلم).
  • “اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل” (رواه ابن ماجه).

ما ليلة القدر؟

ليلة القدر هي ليلة في العشر الأواخر من رمضان، وهي من أفضل الليالي في العام، أنزل الله فيها القرآن الكريم، حيث قال سبحانه وتعالى: “إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر” (سورة القدر).

ما فضل ليلة القدر؟

تخيل أنك تصلي قيام الليل في ليلة وتنال ثواب ثلاثين ألف ليلة، فليلة القدر كما قال سبحانه وتعالى: “خير من ألف شهر”، وقيام هذه الليلة خير من قيام ألف شهر، وصدقة ودعاء هذه الليلة خير من صدقة ودعاء ألف شهر، وهي ليلة تتنزل فيها الرحمات من رب العالمين ويغفر لعباده ويقبل توبتهم، قال رسول الله ﷺ: “مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).

 

ما علامات ليلة القدر؟

الأصل في ليلة القدر أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأن على المؤمن أن يجتهد ليوفقه الله ويصيب ليلة القدر، ولكن توجد بعض العلامات التي قد تدل على انقضائها، فقد ثبت عن النبي ما يدل على أن من علاماتها طلوع الشمس صبيحتها بلا شعاع، وكان أُبي بن كعب يقسم على أنها ليلة سبع وعشرين ويستدل بهذه العلامة، والراجح أنها متنقلة في ليالي العشر كلها، وفي أوتارها أحرى.

 

فضل صلاة ليلة القدر

صلاة ليلة القدر لها فضل عظيم، فمَن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، وقد قال النبي ﷺ: “مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).

أفضل أدعية ليلة القدر

أفضل ما يمكن للمسلم أن يدعو به في ليلة القدر هو الدعاء الذي علمه النبي ﷺ لعائشة رضي الله عنها: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني” (رواه الترمذي وابن ماجه).

خاتمة:

العشر الأواخر من رمضان هي أيام وليالٍ عظيمة، وفرصة كبيرة للتوبة والمغفرة والتقرب من الله سبحانه وتعالى، وفيها ليلة القدر التي يصيبها مَن اجتهد وحرص على الصلاة والصيام والقيام في شهر رمضان الكريم. ومَن يفز بليلة القدر فقد فاز فوزًا عظيمًا، حيث ينال ما يعادل 83 عامًا. 

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2025 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158