الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان

يُعدّ شهر رمضان من أعظم الشهور في الإسلام، فهو شهر الصيام والعبادة والقرآن، ويصل المسلمون إلى ذروة الروحانيات في العشر الأواخر من رمضان، حيث يتضاعف الأجر وتُفتح أبواب السماء لاستجابة الدعاء والعبادات؛ لذلك يسعى المسلمون إلى استغلال هذه الأيام المباركة في زيادة الأعمال الصالحة والطاعات اقتداءً بسنة النبي محمد ﷺ، وسعيًا للفوز بجائزة ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر. في هذا المقال سنتناول بالتفصيل أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان، وكيف يُمكِن للمسلم اغتنام هذه الأيام في تعزيز علاقته بالله وتحقيق أكبر قدر من الأجر والثواب. 

ما العشر الأواخر من رمضان؟

مع اقتراب نهاية شهر رمضان، تبرز العشر الأواخر فرصةً أخيرةً لتزكية النفس واغتنام الأجور المضاعفة، وتمتاز بكونها مدة زمنية تحمل معاني عظيمة في العبادة والتقرب إلى الله تعالى، إذ كان النبي محمد ﷺ يزيد من تعبده فيها، كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ” (رواه البخاري ومسلم). بالإضافة إلى ذلك، تتميز هذه العشر بأنها تحمل في طياتها ليلة القدر، وهي من أفضل ليالي السنة، حيث قال الله تعالى: “إنّا أنزلناهُ في ليلةِ القدر” (القدر: 1). وقد ورد عن النبي محمد ﷺ أنه كان يحيي هذه الليالي بالصلاة والذكر والدعاء.

متى تبدأ العشر الأواخر من رمضان؟ 

تبدأ العشر الأواخر من رمضان في ليلة الحادي والعشرين من الشهر، أي بعد غروب شمس اليوم العشرين من رمضان، وتستمر حتى رؤية هلال شهر شوال، إما في ليلة التاسع والعشرين إذا كان رمضان تسعة وعشرين يومًا، أو في ليلة الثلاثين إذا كان الشهر كاملًا، معلنةً بذلك انتهاء رمضان وحلول عيد الفطر المبارك. 

جدير بالذكر أن توقيت بداية العشر الأواخر من رمضان قد يختلف قليلًا بين البلدان تبعًا لرؤية الهلال وطريقة الحساب الشرعي من بلدٍ إلى آخر.

فضل العشر الأواخر من رمضان: الأجر المضاعف

تُعد العشر الأواخر من رمضان من أبرز الأوقات المباركة في السنة، حيث تزداد فيها الفضائل وتُضاعف الحسنات، إذ تتميز هذه الأيام عن غيرها بعدّة نفحات، منها:

  1. ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، كما ورد في القرآن الكريم: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (القدر: 3)، أي إن العبادة في هذه الليلة تعادل عبادة أكثر من ثلاثة وثمانين عامًا.
  2. تكفير الذنوب: قال رسول الله ﷺ: “مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).
  3. فرصة للتوبة والإنابة: تُعدّ العشر الأواخر وقتًا مثاليًّا لمراجعة النفس والتوبة من الذنوب، إذ يُستحب فيها الإكثار من الاستغفار والدعاء، مما يسهم في تطهير النفس والعودة إلى الله.
  4. العتق من النار: حيث ورد في الأحاديث النبوية أن الله تعالى يُعتق في كل ليلة من ليالي رمضان عددًا كبيرًا من عباده من النار، وتزداد هذه الفرصة في العشر الأواخر، فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إن لله عتقاء في كل يوم وليلة”.

دعاء العشر الأواخر من رمضان

الدعاء في العشر الأواخر من رمضان عبادة عظيمة تُقرّب العبد من ربه، فقد أوصى النبي ﷺ بالإكثار من الدعاء في ليلة القدر، قائلًا لعائشة رضي الله عنها: “قولي اللّهمّ إنكَ عفوٌّ تُحبُّ العفو فاعفُ عنّي” (رواه الترمذي)، فهو من الأدعية المستجابة في العشر الأواخر من رمضان، خاصةً في الليالي الوترية التي يُرجى فيها إدراك ليلة القدر.

أدعية العشر الأواخر من رمضان

يُعدّ الدعاء في هذه الأيام وسيلة لتجديد الإيمان وطلب المغفرة والعتق من النار، فلا ينبغي أن تفوّت هذه الفرصة العظيمة. هناك العديد من الأدعية المأثورة في هذه الليالي المباركة، مثل:

  • اللهم أعتق رقابنا من النار، وأدخلنا الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ.
  • اللهم اغفر لي ذنبي كلّه، أوّله وآخره، وعلانيته وسرّه.
  • اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي.
  • اللهم اجعلني من المقبولين، واغفر لي ولوالديّ وللمسلمين أجمعين.
  • اللهم ارزقني فضل ليلة القدر، وسهّل أمري، واغفر ذنبي.
  • دعاء القنوت (اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن تولّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقِنا شر ما قضيت، فإنّكَ تقضي ولا يُقضى عليكَ، إنه لا يذلّ مَن واليت، ولا يعزّ مَن عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت).
  • دعاء الاستغفار (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه).

فضل الدعاء في العشر الأواخر من رمضان: مفتاح استجابة الله

الدعاء في العشر الأواخر من رمضان له فضل كبير، حيث يفتح الله أبواب الرحمة والمغفرة على عباده في تلك الفترة، مما يجعل منها فرصة مثالية لرفع الأدعية والابتهالات بكل خشوع وتذلل للتقرب إلى الله، كما يُعد الدعاء وسيلة لتحقيق الأماني وطلب العون في مواجهة التحديات والضغوط اليومية.

ما الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان؟

هناك العديد من الأعمال المستحبة التي يمكن للمسلم القيام بها في العشر الأواخر من رمضان، مثل:

  • الاعتكاف: وهو سنة نبوية يُفضل أداؤها في العشر الأواخر عن طريق ملازمة المسجد؛ للعبادة والذكر وقراءة القرآن.
  • قيام الليل: صلاة التراويح والتهجد، وهو من أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى ربه.
  • قراءة القرآن: تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع، وهي من الأعمال التي تزيد الإيمان وتقوي الصلة بالله تعالى، كما يحرص المسلم على ختم القرآن في هذه الأيام المباركة.
  • الدعاء: وهو سؤال الله تعالى والتضرع إليه، ويُعد الدعاء في العشر الأواخر من رمضان مستجابًا، لذا يُستحب فيه الإكثار من الدعاء وطلب الخير في الدنيا والآخرة.
  • الصدقة: وهي الإنفاق في سبيل الله تعالى؛ لزيادة الرزق وتفريج الكربات، إذ قال تعالى: “مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ” (سورة الحديد: 11).
  • الاستغفار: وهو طلب المغفرة من الله تعالى، وبه يُطهر الله القلب، ويبدّل السيئات بالحسنات.
  • الذكر: وهو ذكر الله تعالى باللسان والقلب، مثل التسبيح والتكبير والتهليل حتى تطمئن القلوب وتزول الهموم.

أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان

يُعد قيام الليل من أهم العبادات في العشر الأواخر، حيث كان النبي ﷺ يقوم الليل كاملًا ويُوقظ أهله ليقيموا الليل معه، قال ﷺ: “مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه”. (رواه البخاري ومسلم).

هل يجوز إخراج زكاة الفطر في العشر الأواخر؟

مع اقتراب نهاية رمضان، يتساءل الكثيرون عن الوقت المناسب لإخراج زكاة الفطر، خاصةً في العشر الأواخر، وعن جواز إخراجها في هذه الأيام المباركة، والإجابة:

نعم، يجوز إخراج زكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان، ويُستحب إخراجها قبل صلاة عيد الفطر. زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، وتُعطى للفقراء والمحتاجين لإدخال السرور على قلوبهم يوم العيد.

الصدقة في العشر الأواخر من رمضان: بابٌ عظيمٌ للتقرب من الله

تُعد الصدقة من أبرز الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله، خاصةً في العشر الأواخر من رمضان، حيث تتضاعف فيها الحسنات. 

فقد كان النبي ﷺ يُكثر من الصدقة في رمضان، خاصةً في العشر الأواخر، كما أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: “كانَ النبيُّ ﷺ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ ﷺ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ”.

في هذه الأيام، يُستحب الإكثار من الصدقة، سواءً بإطعام الفقراء، أو إفطار الصائمين، أو حتى التبرع للمشاريع الخيرية بالمال أو الطعام أو الملابس أو أي شيء آخر ينفع المحتاجين، إذ إنها ليست فقط عبادة فردية، بل مسؤولية اجتماعية، لما لها من أثرٍ في تنقية النفس، وتخفيف معاناة المحتاجين لبناء مجتمع متراحم ومتماسك.

الإغاثة الإسلامية عبر العالم بوابتك للخير

تُعد الإغاثة الإسلامية عبر العالم من أبرز المؤسسات الخيرية الموثوقة لتوزيع الصدقات والتبرعات على المستحقين في جميع بلدان العالم، إذ تتميز عن غيرها من المؤسسات بعدّة عوامل تجعلها رائدة في العمل الإنساني على مستوى العالم، من أبرز هذه المميزات:

  1. الاستناد إلى مبادئ القيم الإسلامية في مساعدة المحتاجين والتكافل الاجتماعي بغض النظر عن العِرق أو الدين أو الجنس.
  2. الاستجابة السريعة للكوارث والأزمات، بفضل امتلاكها شبكة واسعة من المكاتب في أكثر من أربعين دولة حول العالم.
  3. تنوع برامجها ومجالاتها، إذ لا تقتصر على الإغاثة العاجلة في حالات الكوارث والأزمات فقط، بل تشمل أيضًا مشاريع تنموية ومساعدات موسمية، بالإضافة إلى رعاية الأيتام وبناء المدارس والمستشفيات.
  4. الشفافية والمصداقية في العمل الخيري، حيث تخضع لمراقبة مالية، وتصدر تقارير مفصلة عن كيفية توزيع التبرعات دوريًّا.
  5. التعاون مع المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصليب الأحمر، وأيضًا منظمات الإغاثة المحلية والدولية، مما يعزز قدرتها على تقديم مساعدات على نطاق واسع.

ملخص:

العشر الأواخر من رمضان هي فرصة ذهبية لا تُعوَّض لمضاعفة الأجر والتقرب من الله تعالى بالأعمال الصالحة، فهي تحمل بين طياتها ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وتُفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة والعتق من النار، ومن أبرز الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان، التي ينبغي لكل مسلم ومسلمة القيام بها في تلك الأيام المباركة، قيام الليل، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والإكثار من الصدقات حتى ينال المرء رضا الله ويحظى بالأجر العظيم.

اللهم بلغنا ليلة القدر، واكتب لنا فيها الخير والبركة، وتقبل منا أعمالنا، واغفر لنا ذنوبنا، واعتق رقابنا من النار، آمين.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2025 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158