Monday March 17, 2025

طارق ريان، أحد العاملين في الإغاثة الإنسانية في غزة مع الإغاثة الإسلامية، يشهد بنفسه كيف أن دعم المتبرعين السخي يمنح الأمل للعائلات الفلسطينية التي تعاني تحت وطأة الأزمات.

رمضان في غزة.. تحديات غير مسبوقة!

لطالما كنت جزءًا من فرق توزيع الطرود الغذائية وقسائم المساعدات والوجبات الساخنة للصائمين في غزة خلال شهر رمضان. أصبح هذا العمل الإنساني جزءًا لا يتجزأ من حياتي، ليس فقط لأنه يساعد المحتاجين، بل لأنه يمنحني سعادة لا توصف عندما أرى الابتسامات تُضيء وجوه الأطفال والنساء والعائلات التي تحصل على المساعدات.

نبدأ التحضيرات كل عام في شهر شعبان، حيث نقوم بتقييم احتياجات الصائمين، وتحليل الأسواق، وتنظيم عملية التوزيع وفقًا للظروف الميدانية. كان هذا الإجراء جزءًا من عملنا السنوي، ولكن رمضان 2024 كان مختلفًا تمامًا.

مع بداية رمضان العام الماضي، كانت غزة تعاني من القصف العنيف والحصار الخانق. كان الدمار يحيط بكل مكان، وصوت الغارات الجوية لا يتوقف، وتدمير المنازل لا يرحم أحدًا. وسط هذا الواقع المأساوي، كان الصائمون يواجهون معاناة أكبر من أي وقت مضى.

العائلات النازحة لم تكن تعرف إلى أين تذهب، والجوع والعطش كانا يلاحقان الجميع. الأطفال، بعيونهم البريئة، تساءلوا كيف سيحصلون على وجبة وسط كل هذه الفوضى. النساء وكبار السن لم يكن لديهم أي فكرة عن كيفية تأمين وجبة إفطار أو سحور أو حتى الحصول على مياه نظيفة.

تحديات كبيرة وحلول مبتكرة

كانت التحديات أكبر من أي وقت مضى. كيف نوفر وجبات الإفطار وسط هذا الخوف والصعوبات؟ كيف نصل إلى المناطق المليئة بالنازحين دون تعريض أنفسنا للخطر؟ كانت الموارد محدودة وتأمين الاحتياجات الأساسية أمرًا صعبًا، لكن عزيمتنا لم تتراجع، وقررنا إيجاد حلول مبتكرة.

استفدنا من المطابخ في المناطق الآمنة، وبدأنا التعاون مع المخابز المحلية التي لا تزال تعمل لتوزيع الخبز وتوفير وجبات ساخنة للملاجئ. رغم قلة الموارد، عملنا جاهدين لتقديم أكبر قدر ممكن من الدعم.

لم يكن الأمر سهلًا. الوصول إلى العديد من المناطق تَطلَّب جهدًا شاقًّا وسط أخطار متزايدة، لكن كل وجبة وزعناها وكل منطقة جديدة وصلنا إليها أظهرت لنا أثر ما نقدمه في عيون الناس الذين ساعدناهم. كانت كلمات الشكر والدعوات التي تلقيناها دافعًا قويًّا لنا، مُذكِّرةً إيانا بالمعنى الحقيقي للعطاء.

تبرعاتكم كانت شعاع من النور وسط الظلام

وسط العنف والدمار، كانت مهمتنا أن نكون هناك لدعم المحتاجين والصائمين، ليس فقط بتوفير الغذاء، بل بإيصال رسالة أمل وصمود. كان هدفنا الحفاظ على كرامة الناس عندما فقدوا أصغر أمل في مستقبلهم. كانت وجبات الإفطار أكثر من مجرد طعام، فقد كانت تذكيرًا للعائلات في غزة بأن هناك مَن يهتم بهم في جميع أنحاء العالم.

كانت تبرعاتكم في رمضان 2024 شعاعًا من النور وسط الظلام، وعكست أسمى معاني الإنسانية. رغم التحديات والصعوبات، كان العمل الجماعي سبيلنا الوحيد لتجاوزها. وسط المعاناة، أصبح العطاء والتضامن هما الحل الوحيد.

ورغم كل الظروف القاسية، شهدنا لحظات لا تُنسى ستظل محفورة في ذاكرتنا. لحظات عندما ابتسم الأطفال لنا رغم حياتهم في الخيام، ولحظات عندما رفع كبار السن أيديهم بالدعاء لنا عند حصولهم على الطعام والماء في وقت لم يتمكن فيه الآخرون من مساعدتهم. تلك اللحظات كانت أقوى تذكير لنا بمعنى العمل الإنساني، وأن العطاء لا يُقاس بالمال فقط، بل بالإرادة والتضامن.

رمضان 2025: التحديات مستمرة لكن العطاء لا يتوقف

كان رمضان 2024 مختلفًا عن أي رمضان آخر، لكنه كان مليئًا بالفرص لدعم المحتاجين في أصعب الأوقات. أصبحنا أكثر إيمانًا بأن العمل الخيري لا يتوقف أبدًا، وأن مسؤوليتنا جميعًا هي رعاية بعضنا بعضًا في الأوقات العصيبة.

بفضل الله، استطعنا رسم الابتسامة على وجوه المحتاجين في غزة الذين كانوا في أمسّ الحاجة إليها. جسّد رمضان الماضي معاني التضامن والأمل والإنسانية في أنقى صورها. رغم الحرب التي سعت إلى تدمير كل شيء، برزت قيم الإنسانية والصمود في كل وجبة قُدمت وفي كل لحظة عطاء.

ومع حلول رمضان 2025، لا تزال التحديات قائمة. الأوضاع لم تتغير، غزة ما زالت تعاني، والعائلات لا تزال بحاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة. في الأيام الأولى من رمضان، قُطعت جميع الإمدادات إلى غزة، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود وحتى الكهرباء، مما جعل الحياة أكثر صعوبة للعائلات هناك.

لكن من خلال كل تجاربنا السابقة، أصبحنا أقوى وأكثر إصرارًا على مواصلة العمل الخيري دون توقف.

هذا العام، سيكون رمضان صعبًا مثل العام الماضي، لكننا لن نتوقف. سنبذل قصارى جهدنا لإيجاد حلول مبتكرة، وتعزيز تعاوننا مع شركائنا والمؤسسات ذات الصلة، وتوسيع قدرتنا على الوصول إلى المناطق الصعبة. سنواصل توفير الطرود الغذائية والقسائم والوجبات الساخنة للصائمين المحتاجين، وسنعمل بجد لتأمين المياه والتمر، وهما من أبسط الاحتياجات وأكثرها ضرورة خلال الشهر الكريم.

إيماننا بالتضامن والأمل لا يتزعزع. نحن هنا لنثبت أن العطاء لا يرتبط فقط بالموارد، بل بكل قلب ينبض بالنية الطيبة والإنسانية. سنواصل عملنا بكل قوتنا، وسنبذل كل ما في وسعنا لإيصال رسالة أمل لكل مَن يعاني.

ساهم معنا في استمرار هذا العمل الإنساني الحيوي ودعم العائلات التي تواجه ظروفًا قاسية في غزة.

تبرع الآن لحملة إغاثة غزة.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2025 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158