مع اقتراب شهر رمضان، تترقب المجتمعات الإسلامية حول العالم الإعلان الرسمي عن بداية الشهر الفضيل، وتنتظر تلك اللحظات بلهفةٍ وشغف استعدادًا للتمتّع بلذة العبادة والطاعات، حتى يطلّ هلال رمضان معلنًا بداية شهر الرحمة والمغفرة، ولكن كيف نتحقق من رؤية هلال رمضان؟ وما الطرق الشرعية التي تُثبت دخول الشهر الكريم؟ وما أفضل الأدعية التي نستقبل بها الشهر الكريم؟ هذا ما سنتناوله بالتفصيل في هذا المقال.
يعتمد التقويم الهجري على دورة القمر، ولهذا تُعد رؤية الهلال الطريقة الأساسية لتحديد بداية الشهور الهجرية، وعلى رأسها شهر رمضان المبارك، حيث يُراقَب الهلال في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان بعد غروب الشمس، ويُشترط أن تكون الرؤية بالعين المجردة أو باستخدام المناظير الفلكية، وفقًا لما تحدده الجهات الشرعية المختصة، فإن ثبتت الرؤية، يُعلَن دخول الشهر الفضيل، وإن لم تثبت، يتم شهر شعبان ثلاثين يومًا، ومع تطور العلم أصبحت الحسابات الفلكية تُستخدم وسيلةً مساعدة، لكنها لا تغني عن الرؤية الشرعية.
تُعدّ رؤية الهلال من السنن النبوية التي تلتزم بها الأمة الإسلامية كل عام، فهو دليل شرعي يُحدِّد بداية الصيام والعبادات المرتبطة بالشهر الكريم، كما أن رمضان شهر قمري، حيث كان الناس قديمًا لا يُجيدون الحساب والفلك؛ لذا كانت وسيلة رؤية الهلال بالعين المجردة هي الأوضح والأيسر لهم، فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال بشأن دخول رمضان: “إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا” (متفق عليه).
تُعد ليلة الرؤية ليلةً ذات طابعٍ خاص، حيث تُعلن فيها الدول نتائج التحري، ويتجمَّع المسلمون في المساجد لأداء صلاة التراويح بعد إعلان الثبوت، حيث يُحتمل فيها رؤية الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من رمضان، وتُعد هذه الليلة من أكثر الليالي انتظارًا بين المسلمين، إذا توافرت ظروف الرؤية، بينما يُعتَمد على اليوم الثلاثين في حال عدم ظهور الهلال.
توجد عدة أحاديث نبوية تبرز أهمية رؤية الهلال، ومنها:
تعكس هذه الأحاديث الشريفة المنهج الإسلامي في تحديد المواقيت الشرعية، حيث تعتمد الشهور الهجرية على رؤية الهلال بالعين المجردة، وهو ما يجسد الدقة والوضوح في الشريعة الإسلامية. كما توضح أهمية الالتزام بهذه الطريقة، وعدم الاعتماد على التقديرات الشخصية، حتى يسود النظام والتوافق بين المسلمين في صيامهم وإفطارهم.
يثبت شهر رمضان بأحد الأمرين، ألا وهما:
بذلك نعرف أن النظام الذي يضمن ثبوت شهر رمضان يعتمد على التعاون بين العلماء والفلكيين؛ لضمان دقة المعلومات والمصداقية في الإعلان.
من أفضل الأدعية المأثورة التي يستقبل بها المسلمون شهر رمضان، اقتداءً بسنة النبي ﷺ في بداية شهر رمضان: “اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على الصيام والصلاة والقيام وقراءة القرآن”.
وعند ثبوت رؤية الهلال، يُستحب للمسلم أن يدعو بدعاء واردٍ عن النبي ﷺ: “اللَّهُمَّ أهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ” (رواه الترمذي)، كما يُكثر المسلمون من التهليل والتكبير استعدادًا لاستقبال الشهر الفضيل.
ختامًا، شهر رمضان هو شهر تنتظره القلوب وتتحراه الأبصار، إذ يحمل في طياته روحانيات خاصة تجتمع عليها قلوب المسلمين، وبين التمسك بالسنة والاستفادة من التقدم العلمي، يبقى الأصل في معرفة بداية الشهر الكريم هو رؤية هلال رمضان، قدوةً بسنة الحبيب المصطفى ﷺ، مع الاستعانة بالحسابات الفلكية وسيلةً داعمة