تُعد العمرة من العبادات العظيمة التي شرعها الإسلام، وهي زيارة إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الطواف والسعي والحلق أو التقصير. وعلى الرغم من أن العمرة يمكن أداؤها في أي وقت من السنة، فإن العمرة في رمضان تكتسب مكانة خاصة وفضلًا عظيمًا، إذ بيّن النبي ﷺ أنها تعادل أجر الحج، مما يجعلها فرصة لا تعوض لمن استطاع أداؤها.

يحرص الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم على أداء عمرة رمضان، لما فيها من روحانيات عظيمة، وأجواء إيمانية مميزة، وفرصة لمضاعفة الحسنات، خاصة في العشر الأواخر من الشهر الفضيل. في هذا المقال، سنتناول حكم العمرة، فضلها في رمضان، كيفية أدائها بالتفصيل، مواعيدها، وأهم النصائح للمسافرين إلى مكة خلال رمضان.

ما هي العمرة؟

العمرة في اللغة تعني الزيارة، أما في الاصطلاح الشرعي، فهي زيارة بيت الله الحرام وأداء المناسك التي شرعها الله، وتشمل الإحرام، الطواف، السعي، والحلق أو التقصير.

الفرق بين العمرة والحج

  • العمرة يمكن أداؤها في أي وقت من السنة، بينما الحج له توقيت محدد في شهر ذي الحجة.
  • مناسك العمرة أخف وأيسر من الحج، حيث تشمل فقط الطواف، السعي، والحلق أو التقصير، ولا تتضمن الوقوف بعرفة أو رمي الجمار.
  • الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، بينما العمرة سنة مؤكدة وليست فرضًا.

حكم العمرة في الإسلام

اختلف الفقهاء في حكم العمرة، وانقسموا إلى رأيين:

  1. رأي الحنفية والحنابلة: 
    • يرون أن العمرة واجبة مرة واحدة في العمر لمن استطاع القيام بها، استنادًا إلى قوله تعالى:

      “وأتموا الحج والعمرة لله” (البقرة: 196).
       
    • فُسرت هذه الآية على أن العمرة فريضة مثل الحج، لكنها تؤدى مرة واحدة فقط على الأقل.
  2. رأي المالكية والشافعية: 
    • يعتبرون أن العمرة سنة مؤكدة وليست فرضًا، لكنها مستحبة بشدة لمن استطاع أداءها.

بغض النظر عن اختلاف العلماء، فإن العمرة عبادة عظيمة، وأجرها كبير، وهي فرصة لتكفير الذنوب وزيادة الحسنات، خاصة في شهر رمضان المبارك.

متى تضع نية العمرة؟

أهمية النية في الإسلام

قال النبي ﷺ:

“إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” (رواه البخاري ومسلم).

النية هي أساس العبادات في الإسلام، وهي التي تميز العادة عن العبادة، ولهذا يجب على المسلم استحضار نية العمرة بصدق وإخلاص.

متى تُعقد نية العمرة؟

  • يجب على المسلم عقد نية العمرة عند الوصول إلى الميقات، وهو المكان الذي حدده الشرع للإحرام.
  • بعد ارتداء ملابس الإحرام، يقول المسلم بصوت مسموع أو في قلبه: “لبيك عمرة”، ثم يبدأ في التلبية:

    “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.”
     

مواعيد العمرة

يمكن أداء العمرة في أي وقت من العام، لكن هناك أوقات مفضلة منها:

1. العمرة في رمضان

  • يُفضل أداء العمرة في رمضان لأن أجرها يعادل أجر الحج كما ورد في الحديث الشريف.
  • يزداد الإقبال على العمرة في العشر الأواخر من رمضان طمعًا في فضل ليلة القدر.

2. العمرة في أشهر الحج

  • يمكن أداء العمرة في شوال، ذو القعدة، وأيام من ذو الحجة، لكن لا تعتبر بديلاً عن الحج.
  • قد تكون جزءًا من حج التمتع لمن أراد أداء العمرة ثم الحج في نفس الموسم.

3. العمرة في بقية أشهر السنة

  • يمكن أداؤها في أي وقت، لكنها لا تحمل نفس الفضل الموجود في رمضان.

كيفية أداء العمرة في رمضان

1. الإحرام

  • الاغتسال والتطيب قبل الإحرام.
  • ارتداء ملابس الإحرام:
    • للرجال: إزار ورداء أبيض غير مخيط.
    • للنساء: ملابس محتشمة دون تغطية الوجه والكفين.
  • عقد النية وقول: “لبيك عمرة”.

2. الطواف حول الكعبة

  • الطواف سبعة أشواط حول الكعبة.
  • استلام الحجر الأسود (إن أمكن) أو الإشارة إليه.
  • الدعاء أثناء الطواف.

3. السعي بين الصفا والمروة

  • السعي سبعة أشواط بين جبلي الصفا والمروة.
  • التكبير والدعاء عند كل شوط.

4. الحلق أو التقصير

  • الرجال: الحلق أو التقصير.

النساء: تقصير الشعر بمقدار عقدة الإصبع.

فضل العمرة في رمضان

أداء العمرة في رمضان من العبادات العظيمة التي يحرص عليها المسلمون، نظرًا لما ورد في فضلها من أحاديث نبوية شريفة تبين مكانتها وأجرها العظيم. فهي تجمع بين الطاعة، القرب من الله، وتكفير الذنوب، مما يجعلها من أفضل الأعمال التي يمكن القيام بها في هذا الشهر المبارك.

1. مغفرة الذنوب وتكفير السيئات

العمرة في رمضان تعد سببًا لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات، فقد قال النبي ﷺ:

“العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” (رواه البخاري ومسلم).

وهذا يدل على أن أداء العمرة يمحو الذنوب التي وقعت بين العمرتين، مما يمنح المسلم فرصة جديدة للبدء بقلب نقي. وعندما تؤدى في رمضان، فإن أجرها يكون مضاعفًا بسبب فضل هذا الشهر الكريم، حيث تكثر أبواب المغفرة والرحمة.

2. مضاعفة الأجر والثواب، فالعمرة في رمضان تعدل أجر الحج

من أعظم الفضائل التي تميز عمرة رمضان أنها تعادل أجر الحج، كما قال النبي ﷺ:

“عمرة في رمضان تعدل حجة معي” (رواه البخاري ومسلم).

وهذا لا يعني أن العمرة تغني عن الحج المفروض، لكنها تدل على عظيم الأجر الذي يناله المعتمر في رمضان. فكل خطوة يخطوها المسلم في أداء هذه العبادة تُكتب له مضاعفة، وكأنه قد أدى حجة كاملة في ميزان حسناته.

3. استغلال شهر الرحمة والمغفرة في أداء عبادة عظيمة

شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو أفضل وقت يتقرب فيه العبد إلى الله بالطاعات. وأداء العمرة خلاله فرصة عظيمة للاستفادة من هذه النفحات الربانية، حيث يجتمع فيه:

  • الصيام، وهو من أفضل العبادات.
  • الصلاة والذكر، وهما من أهم أسباب رفع الدرجات.
  • العمرة، التي تضاعف الأجر وتكفر الذنوب.

ولهذا، فإن المسلم الذي يؤدي العمرة في رمضان يكون قد جمع بين الصوم والعبادة والطاعة في أطهر البقاع، مما يزيد من حسناته ويقربه إلى الله أكثر.

نصائح لأداء العمرة في رمضان

  1. حجز تصريح العمرة مسبقًا عبر التطبيقات أو المنصات الرسمية.
  2. اختيار أوقات أقل ازدحامًا مثل أول الليل أو بعد صلاة الفجر.
  3. تجنب الانشغال بالتصوير والهاتف، والتركيز على الدعاء والعبادة.

أخطاء شائعة أثناء العمرة في رمضان

  1. الازدحام الشديد عند الحجر الأسود ومحاولة لمسه بأي وسيلة.
  2. عدم الالتزام بالهدوء داخل الحرم والانشغال بالتصوير.
  3. عدم إتقان المناسك والاعتماد على الآخرين دون معرفة التفاصيل.

الخاتمة

العمرة في رمضان من أعظم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم، لما لها من فضل عظيم وثواب مضاعف، حيث قال النبي ﷺ:

“عمرة في رمضان تعدل حجة” (رواه البخاري ومسلم).

فمن استطاع أداء العمرة في هذا الشهر الكريم، فقد نال خيرًا عظيمًا، واستغل فرصة اغتنام الأجر الكبير والتقرب إلى الله. نسأل الله أن يرزقنا جميعًا زيارة بيته الحرام، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

جميع الحقوق محفوظة لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم 2025 ©
الإغاثة الإسلامية عبر العالم منظمة خيرية دولية غير حكومية مسجلة فى المملكة المتحدة برقم : 328158 328158