تتكرر كل عام، لكنها لا تشبه أي أيام أخرى. إنها عشر ذي الحجة، الأيام العشر الأولى من الشهر الذي اختاره الله ليكون ختامًا لسنة هجرية ولحِكَمٍ عظيمة لا يعلمها إلا هو، واختار سبحانه هذه الأيام لتكون أعظم أيام الدنيا على الإطلاق، يتضاعف فيها الأجر، وتُفتح فيها أبواب الرحمة، وتعلو فيها الهمم، ويعود فيها القلب إلى فطرته النقية.
ولأن من جُبل على حب الله لا يرضى بأن تمر عليه هذه الأيام كأي وقت عابر، فإن الاستعداد لعشر ذي الحجة ليس رفاهية ولا خيارًا جانبيًا، بل هو واجب على كل من يرجو أن يكون من المقبولين وذلك بسبب فضل العشر الأوائل من ذي الحجة.
عندما يخبرنا رسول الله ﷺ أن:
“ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” (رواه البخاري)،
فإن هذا الحديث لا يصف مجرد أيام فاضلة، بل يُعلِن عن موسم إيماني لا مثيل له، موسم تفتح فيه أبواب الرحمة، ويُضاعف فيه الثواب، وترتفع فيه الأعمال إلى السماء كأنها أجنحة نور.
ومن فضل الله علينا أن شرّف هذه الأيام بجمع أعظم العبادات فيها فمن أجمل أعمال عشر ذي الحجة: الصيام، الصلاة، الحج، التكبير، الصدقة، الدعاء، والذكر. فكل عمل صالح يقع فيها له وزنٌ مضاعف، وفضل عظيم، وأثر روحي عميق على قلب المؤمن إن أخلص فيه النية.
لكي لا تضيع هذه الأيام الثمينة في الحيرة أو العشوائية، نقدم لك برنامج العشر من ذي الحجة الروحاني، ليس كجدول زمني صارم، بل كخطة مرنة تتيح لك بناء علاقة قوية مع الله عبر خطوات بسيطة ولكنها مؤثرة إليك اقتراحات أعمال العشر من ذي الحجة:
من أعظم أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة التي يجب أن نُداوم عليها:
الفرصة في هذه الأيام متاحة للجميع، رجالًا ونساء، كبارًا وصغارًا. لكن الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة قد تختلف باختلاف القدرة والظروف:
صيام عشر ذي الحجة ليس فرضًا، لكنه سُنة مؤكدة، وقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان يصوم التسع الأُول من ذي الحجة. والصيام فيها يُعدّ من أقرب القربات إلى الله ولذلك فإن فضل الصيام في عشر ذي الحجة عظيم.
والنية تكون كل ليلة قبل الفجر، ويُفضل أن يُقال في القلب: “نويت صيام غدٍ من عشر ذي الحجة لوجه الله تعالى.”
يوم عرفة هو تاج الأيام، وهو أفضل أيام السنة على الإطلاق لغير الحاج.
قال رسول الله ﷺ:
“صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والتي بعده.” (رواه مسلم)
فهو يوم العتق من النار، ويوم تنزل فيه الرحمات، ويشهد الله ملائكته على عباده الصالحين.
من أبرز أبواب العبادة في هذه الأيام هو الدعاء، إذ تتجلّى فيه معاني القرب والافتقار واللجوء. والجميل أن فضل الدعاء في العشر من ذي الحجة مضاعف، خاصة في:
إذا أحسنت الاستعداد لعشر ذي الحجة، فاعلم أن الله سيُغيّر فيك ما لا يمكنك تغييره وحدك. هي أيام ليست كغيرها، وليالٍ تُكتب فيها أسماء العتقاء والمغفور لهم، فاختر لنفسك مكانًا بينهم، بخطوات ثابتة، وقلوب مخلصة، وهمة عالية.
لا تنتظر الحماسة العاطفية لتبدأ، بل ابحث عن البركة في التفاصيل الصغيرة، وابدأ الآن، وستجد أن الله يفتح لك أبوابًا لم تتخيلها من قبل.