تغير المناخ في اليمن، الذي غالبًا ما يُغفل عنه بسبب الأزمات المتلاحقة التي يواجهها البلد، يُشكل تحديًا إضافيًا في ظل النزاع الطويل الذي شهدته البلاد لنحو عقد من الزمن. هذا الوضع المأزوم قد أضاف ضغوطًا كبيرة على اليمن، الذي يعاني بالفعل من تبعات تغير المناخ. حتى قبل تصاعد النزاع قبل تسع سنوات، كان اليمن من بين أكثر الدول تأثرًا بأزمة نقص المياه.
ومن المعلوم أن الجفاف المتكرر والتحولات المناخية أدت إلى تفاقم أزمة المياه في السنوات الأخيرة. وفي عام 2022، واجه اليمن سلسلة من الأحداث المناخية القاسية، حيث تبعت فترات الجفاف الشديد فيضانات وأمطار غزيرة غير مسبوقة على مدار أكثر من أربعين عامًا. ونتيجة لذلك، خسر العديد من المزارعين مواسم الزراعة، وأفادت الأمم المتحدة بأن ثلث الأسر فقدت أراضيها الزراعية.
ومع تزايد خطر المجاعة، تمثل هذه الخسائر في الإنتاج الغذائي مصدر قلق كبير. وعلاوة على ذلك، أحدثت الفيضانات دمارًا في البنية التحتية التي كانت متهالكة أصلًا، مثل الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي، مما زاد من مخاطر تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه.
نازحون بسبب الكوارث
يروي محمد قائلًا: “دمرت الأمطار المنهمرة منزلنا. الآن، نجد أنفسنا نعيش أنا وعائلتي تحت شجرة. أجد صعوبة بالغة في توفير الطعام الكافي لهم، ولا يسعني حتى التفكير في إعادة بناء منزلنا. فليس لدي عمل ولا مصدر دخل لإعالة أسرتي، وأكافح يوميًا لتغطية النفقات الأساسية”.
قصة محمد للأسف ليست استثنائية، فاليمن يعاني من أزمة نزوح داخلي كبيرة، حيث اضطر حوالي 4.5 مليون إنسان لترك منازلهم منذ عام 2015، وكثير منهم اضطروا للتنقل مرات عدة.
أما الفيضانات فقد زادت الوضع سوءًا، مخلفةً 160,000 إنسان بلا مأوى، خاصة في محافظتي حجة الغربية والحديدة. ووفقًا للأمم المتحدة، تضاعفت حالات النزوح الناجمة عن الكوارث الطبيعية في اليمن خلال عام 2022.
ويستمر محمد في شرح معاناته قائلًا: “مأوانا الحالي هو أكواخ من الطين. عندما تهطل الأمطار نهارًا، نلجأ إلى منزل جيراننا، لكن إذا تساقطت ليلًا، نواجه خطر الموت، إذ يتهددنا خطر الانهيار لكون منزلنا مبنيًا من الطين والخشب والقش.
صالح يستخدم مضخة المياه
منذ عام 1998، تبذل الإغاثة الإسلامية في اليمن جهودًا مستمرة في تقديم المساعدة والدعم. على مدار أكثر من ربع قرن، كيفنا مشاريعنا وبرامجنا لتتواءم مع التحديات المتغيرة التي تفرضها الظروف، بما فيها التغيرات المناخية.
كما نقوم بإدارة برامج تبادل العمل بالنقد، وذلك لمساعدة المجتمعات على كسب عيشها والتكيف مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ. وذلك من خلال أعمال الصيانة، وإعادة التأهيل، والبناء لتحصين هذه المجتمعات ضد الصدمات المناخية.
وتجدر الإشارة إلى أن أحد المشروعات المهمة التي نقوم بإدارتها يستخدم الطاقة الشمسية لضخ المياه. وهذا المشروع لا يوفر فقط وصولًا آمنًا للماء للري والشرب والصرف الصحي، بل يُعد أيضًا نظامًا واعيًا للمناخ، إذ يساعد في تقليل الانبعاثات الغازية الناتجة عن استخدام المضخات العاملة بالوقود الأحفوري.
ويشرح صالح*، أحد السكان المحليين في مديرية سويار بمحافظة عمران، المعاناة اليومية قائلًا: “لقد اضطررنا لشرب المياه الملوثة التي تشاركنا فيها حتى الحيوانات بسبب شح مياه الشرب النقية.”
يؤثر الجفاف بشكل خاص على هذه المنطقة، مما يحرم العديد من النساء والأطفال من التعليم، إذ يضطرون لقطع مسافات طويلة يوميًا بحثًا عن مياه الشرب الآمنة.
ففي قرية صالح، تُستخدم الألواح الشمسية لتشغيل مضخات المياه، وقد شهدت هذه القرية تحولًا ملموسًا بفضل جهود الإغاثة الإسلامية. ويقول أحد سكان القرية: “بتركيب الإغاثة الإسلامية لنظام ضخ مياه يعمل بالطاقة الشمسية وإنشائها خزان مياه بالقرب من منزلي، أصبح بإمكاني الآن الحصول على مياه شرب نقية خلال عشر دقائق فقط من المشي.”
هذا النظام لا يقتصر دوره على توفير المياه فحسب، بل يسهم أيضًا في تحسين سبل عيش المجتمعات الريفية ويضمن لهم حصولهم على الغذاء الكافي. كما يُعد وسيلة فعالة للتصدي للأخطار المتزايدة الناجمة عن التغير المناخي.
التغير المناخي يُمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الإنسانية اليوم، وغالبًا ما يكون الأفراد الأكثر عرضة للخطر هم من يتأثرون بشكل مباشر وقوي بتأثيراته.
ندعوكم للمساعدة في دعم الشعب اليمني ليتمكن من التكيف مع التغيرات المناخية. تبرعوا الآن لتحدثوا فارقًا حقيقيًا في حياتهم.
*تم تغيير الاسم للحفاظ على خصوصية الأفراد.