كيف تُسهم الآبار في الحد من التلوث البلاستيكي في الصومال؟

في قرية “لابادل” في الصومال، كانت حياة ملكة تتمحور يوميًا حول مهمة واحدة شاقة: جلب الماء. فكانت كل صباح تسير على قدميها مسافة 8 كيلومترات إلى أقرب مصدر للمياه. وبالكاد كانت تعود بما يكفي ليكفي أطفالها الخمسة ليوم واحد فقط.

ومع تفاقم موجات الجفاف في منطقتها، اضطرت ملكة، مثل كثير من الصوماليين، إلى شراء المياه في عبوات بلاستيكية من مدن بعيدة. ولم تكن تملك خيارًا سوى مشاهدة تزايد أكوام الزجاجات الفارغة حول قريتها. تقول ملكة: “الماء أنقذ حياتنا، لكن البلاستيك كان يخنقنا”

 جبال من البلاستيك تم التخلي عنها

عندما تنفذ مصادر المياه الطبيعية بسبب الجفاف، يلجأ السكان في هذه المناطق المتأثرة بالمناخ إلى المياه المعبأة مما يخلق أطنانًا من النفايات البلاستيكية التي لا توجد طرق فعالة للتعامل معها. ففي عام 2023، أطلقت الإغاثة الإسلامية مشروع “تعزيز القدرة على الصمود والتكيف مع تغير المناخ”، ولاحظ فريق العمل التحدي المزدوج:

يخبرنا عبد الفتاح آدم، منسق المشروع: ” جئنا لمعالجة ندرة المياه، لكننا أدركنا بسرعة أننا نواجه أزمتين في آنٍ واحد؛ نقص المياه النظيفة، وتراكم النفايات البلاستيكية” ويضيف عبدالفتاح: “من خلال حفر بئر جديدة، لم توفر الإغاثة الإسلامية فقط مصدرًا دائمًا ونظيفًا للمياه، بل ساعدت في كسر حلقة الاعتماد على البلاستيك. والنتيجة أن اختفت الأكوام السامة من النفايات، وأصبحت القرية أنظف، وتمكّنت الأسر من توفير المال بدلًا من إنفاقه على عبوات المياه.”

روتين جديد لحياة أفضل

تحوّل روتين الصباح لدى ملكة بالكامل. فعند الفجر، تمشي بضع دقائق فقط لملء حاويات المياه من البئر، بينما ترتوي الماعز من الحوض المجاور. تخبرنا ملكة: “كنت أقضي 6 ساعات يوميًا لجلب المياه. الآن، لدي وقت لحلب الماعز وبيع الحليب في السوق، وأساعد أطفالي في الاستعداد للمدرسة”. أما زوجها أحمد، فيرعى حديقة الخضروات الجديدة التي تُروى بمياه البئر، لقد صنع هذا البئر تغييرًا آخرًا ملموس في حياة الأسرة.

ولم تتوقف الفوائد عند حدود المنزل. ففي السوق المحلي، تراجعت عبوات المياه البلاستيكية تدريجيًا مع توفر المياه القابلة لإعادة التعبئة. وأصبح الأطفال يلعبون الآن في أماكن كانت مغطاة بالنفايات سابقًا. وبدأت القرية باستخدام الزجاجات البلاستيكية كأصص لزراعة محاصيل مقاومة للجفاف، لقد خلقوا حلولًا إبداعية محلية وفعّالة.

بينما تقف ملكة عند البئر في المساء، تتأمل ما تغيّر وما يزال بحاجة إلى تغيير. “لدينا الماء الآن، لكن أطفالنا بحاجة إلى مدارس. نحتاج إلى رعاية صحية. إلى بيوت أفضل”، تقول وهي تراقب بناتها يطاردن اليراعات. هذه ليست مجرد احتياجات تنموية، بل عناصر أساسية لبناء قدرة المجتمعات على الصمود أمام تغير المناخ. فالتعليم يمنح الناس الأدوات للتكيّف مع المتغيرات، والرعاية الصحية تساعد الأسر على الصمود أمام الجفاف والأمراض والنزوح، والسكن الآمن يحمي من الكوارث المناخية.”

الإغاثة الإسلامية بدأت بالفعل في تنفيذ مشاريع تدمج هذه الأولويات، إدراكًا منها أن المرونة الحقيقية تبدأ من الماء، لكنها لا تنتهي عنده.

رسالة يوم البيئة العالمي 2025

في هذا اليوم العالمي للبيئة، ومع شعار “إنهاء التلوث البلاستيكي”، تكشف قصة هذه القرية حقيقة مؤلمة: أزمة النفايات البلاستيكية تبدأ غالبًا من عجز المجتمعات عن تلبية احتياجاتها الأساسية.

ففي قرى مثل قرية ملكة، كانت زجاجات المياه البلاستيكية حلاً اضطراريًا لأزمة أعمق: ندرة المياه.

والخلاصة؟ الحل الفعّال لا يكمن فقط في تنظيف النفايات، بل في منع الحاجة إليها منذ البداية. ومشروع البئر من الإغاثة الإسلامية يبرهن على ذلك: حيث توجد مصادر مياه مستدامة، ينخفض التلوث البلاستيكي بشكل ملحوظ.

ومع احتفالنا بيوم البيئة العالمي، ربما تكون أفضل مساهمة نقدمها للكوكب ليست إزالة النفايات، بل إزالة الحاجة إليها قرية بعد أخرى، وبئر بعد بئر.

قصة ملكة تثبت أن التغيير ممكن. ومع دعمك، يمكننا تحويل نجاح هذا البئر إلى موجة أمل في المزيد من المجتمعات.

تبرّع اليوم، وساهم في توفير حلول مستدامة.